شهدت بريطانيا خلال العام الحالي والذي سبقه تصاعدًا ملحوظًا في حوادث معاداة الإسلام وكراهية المسلمين، حيث وصل معدل هذه الحوادث إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عقد، وفقًا لتقارير صادرة عن منظمة Tell MAMA UK، وهي جهة متخصصة في رصد هذه الجرائم.
وتشير التقارير إلى أن هذه الموجة من الكراهية الدينية تأتي في ظل تزايد الخطاب التحريضي، الذي يغذيه الإعلام اليميني المتطرف وبعض التصريحات السياسية.
وسجلت منظمة Tell MAMA UK نحو 4971 حادثة كراهية وتمييز ضد المسلمين خلال العام الماضي، وتحديدًا في الفترة ما بين أكتوبر 2023 وحتى نهاية سبتمبر 2024. ومن بين هذه الحوادث، تميزت 63% منها بأنها تركزت في سلوك مسيء، بينما شملت 27% سلوكًا تهديديًا، مما يعكس خطورة الوضع.
وقد تركزت معظم هذه الحوادث في المدن الكبرى مثل لندن، والشمال الغربي، ويوركشاير، وميدلاندز، وهي مناطق تضم كثافة سكانية عالية من المسلمين.
ويرى العديد من المراقبين أن تصاعد الاعتداءات ضد المسلمين يأتي نتيجة مباشرة للخطاب التحريضي الذي تبثه وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة، والذي زادت حدته في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
كما أن هذا الخطاب، وفقًا للمسلمين في بريطانيا، يغذي الكراهية ويؤجج العداء تجاه الجاليات المسلمة، التي تعيش حالة من الخوف والقلق المستمر.
من جانبه، أكد مجلس مسلمي بريطانيا، الذي يعد أكبر مظلة تمثل المؤسسات الإسلامية في البلاد، أن جرائم الكراهية ضد المسلمين قد ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة.
وذكر المجلس أن نسبة الاعتداءات على المسلمين شهدت قفزة هائلة وصلت إلى 140% خلال شهر أكتوبر وحده، وتتركز معظم هذه الجرائم في العاصمة لندن، إلى جانب تزايد حالات الاعتداء في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.
ورصد المجلس مجموعة من الحوادث الخطيرة التي طالت المسلمين، من أبرزها الهجوم على مسجد في مدينة أكسفورد، إلى جانب حادثة تعرض سيدة محجبة للرجم بالحجارة.
كما شهدت بريطانيا حادثة مروعة تمثلت في رمي الخمر على مجموعة من المسلمين أثناء تأديتهم الصلاة، بعد مشاركتهم في مسيرة تضامن مع الشعب الفلسطيني.
وتعد هذه الجرائم جزءًا من نمط متزايد من الاعتداءات التي تستهدف المسلمين، مما يعزز من قلق الجالية المسلمة حول سلامتها في ظل ارتفاع جرائم الكراهية الدينية.
وتشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن المسلمين يشكلون واحدة من أكثر الفئات استهدافًا بجرائم الكراهية الدينية في المملكة المتحدة.
ويؤكد مجلس مسلمي بريطانيا أن المسلمين يعتبرون “الحلقة الأضعف” في مواجهة هذه الجرائم، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلث هذه الجرائم تطال المسلمين، وهو ما يثير التساؤلات حول فعالية التعامل مع الشكاوى التي يقدمها الضحايا.
من جانب آخر، يعبر المجلس عن قلقه من أن بعض المسلمين بدأوا يفقدون الثقة في قدرة السلطات على معالجة هذه الجرائم بجدية وحزم.
ورغم الوعود الحكومية بمكافحة الكراهية الدينية، إلا أن المجتمع المسلم لا يزال يطالب بالمزيد من التدابير الوقائية والقانونية لضمان سلامته.
وتزامنًا مع تصاعد حوادث الكراهية، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء البريطاني (ONS) أن عدد المسلمين في إنجلترا وويلز قد ارتفع خلال السنوات العشر الماضية بمقدار 1.2 مليون، ليصل العدد الإجمالي للمسلمين إلى 3.9 ملايين نسمة بحلول عام 2021.
وتتركز الجاليات المسلمة بشكل رئيسي في مدن مثل برمنغهام، برادفورد، ومانشستر، مع وجود أكثر من 250 مسجدًا يخدم هذه الجاليات في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وفي ظل هذه التحديات المتزايدة، تقف الجالية المسلمة في بريطانيا أمام مفترق طرق، إذ يتعين على السلطات البريطانية والمجتمع ككل مواجهة موجة الكراهية والتحريض بمزيد من الجدية والحزم.
كما تحتاج الجاليات المسلمة إلى دعم أكبر لضمان حمايتها ومواجهة التهديدات المتزايدة في بيئة مليئة بالتوترات والصراعات.