يشهد المشهد الدبلوماسي بين تركيا وإيران تصعيدًا ملحوظًا، تجلّى في تبادل استدعاء السفراء والمسؤولين الدبلوماسيين بين البلدين، مما يعكس توترًا متجددًا في العلاقات الثنائية منذ مطلع عام 2024.
ويعدّ هذا التصعيد الثاني من نوعه خلال العام الجاري، بعد انتقادات إيرانية للسياسات التركية في سوريا، الأمر الذي يعكس تباينًا في المصالح الإقليمية بين الطرفين.
وفي هذا السياق، وجّه وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، انتقادات مباشرة للنهج الإيراني في سوريا، محذّرًا من دعم طهران لقوات YPG/PKK، ومشيرًا إلى أن الدول التي تنتهج سياسات توسعية قد تجد نفسها في موقف ضعيف.
وأكد فيدان في مقابلة مع قناة الجزيرة أن إيران، رغم تحقيقها مكاسب استراتيجية عبر وكلائها الإقليميين، إلا أنها تتحمل أعباء سياسية واقتصادية متزايدة للحفاظ على هذه المكاسب، داعيًا طهران إلى إعادة النظر في سياستها الإقليمية وتعزيز التعاون مع دول المنطقة.
كما أشار الوزير التركي إلى أن أي تدخل إيراني عبر دعم مجموعات مسلحة معادية لتركيا قد يقابَل بخطوات مماثلة من أنقرة، ملمّحًا إلى إمكانية تقديم بلاده دعمًا لقوى معارضة داخل إيران إذا استمر هذا النهج.
ويأتي هذا التوتر في وقت تواجه فيه إيران تراجعًا في نفوذها الإقليمي، خاصة بعد الضغوط التي تعرضت لها ميليشيا حزب الله اللبناني والتغيرات التي طرأت على الوضع في سوريا، مما وفّر لأنقرة فرصة لتعزيز دورها الإقليمي.
في المقابل، تستمر طهران في دعم الجماعات المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية بين العراق وتركيا، وهو ما يثير مخاوف أنقرة من تداعيات هذا الدعم.
التوتر الدبلوماسي بين البلدين بلغ ذروته عندما استدعت كل من وزارتي الخارجية التركية والإيرانية السفراء للاحتجاج على التصريحات الأخيرة، ففي حين اعتبرت طهران تصريحات فيدان استفزازية، أكدت أنقرة أن هذه القضايا يجب أن تناقش عبر القنوات الدبلوماسية بدلاً من التصريحات الإعلامية المتبادلة.
ويتزامن هذا التصعيد مع إعلان عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل، عن رغبته في إنهاء العمليات العسكرية للحزب، وهو ما اعتبرته أنقرة مؤشرًا على محاولات أطراف إقليمية، من بينها إيران، التأثير على المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
وسط هذا التوتر المتصاعد، تدعو بعض الأصوات في البلدين إلى ضبط النفس والتركيز على المصالح المشتركة لتفادي المزيد من التصعيد، فيما يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، بناءً على مدى استعداد الطرفين لتجاوز خلافاتهما عبر الحوار الدبلوماسي.