بعد سنوات من إخفاء شخصيته الحقيقية، أطل الشاهد الملك “قيصر” على شاشة قناة الجزيرة، كاشفًا عن هويته التي لطالما انتظر السوريون معرفتها، لدورها المحوري في فضح جرائم النظام البائد على المستوى الدولي.
قيصر هو المساعد أول “فريد المذهان”، ابن محافظة درعا، الذي شغل منصب رئيس قلم الأدلة القضائية في فرع الشرطة العسكرية بدمشق. ارتبط اسمه الوهمي بتوثيق جرائم تعذيب وحشية في سجون النظام، بعد أن استطاع العمل سرًا ضمن فريق لم تُكشف هويته طوال سنوات الثورة السورية.
لعب المذهان دورًا بارزًا في نقل صور التعذيب إلى العالم والمنظمات الدولية، مما أدى إلى فضح الجرائم التي ارتكبها النظام، وساهم في فرض عقوبات دولية عليه، وتضييق خناقه سياسيًا ودوليًا.
وقال قيصر، في ظهوره الأول ضمن برنامج “للقصة بقية”، إن أوامر تصوير وتوثيق الجرائم كانت تصدر مباشرة من بشار الأسد، للتأكد من تنفيذ عمليات القتل. وأوضح أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يظهرون ولاءهم المطلق لعائلة الأسد من خلال تقديم صور لجثث الضحايا.
وأضاف أن أول عملية تصوير لجثث المعتقلين تمت في مشرحة مستشفى تشرين العسكري، وكانت تلك الجثث لمتظاهرين من درعا عام 2011. وأشار إلى أن المعتقلين كانوا يُقتلون فور دخولهم، ويتم ترقيم جثثهم لتوثيقهم.
وأكد أن مشرحتي مستشفى تشرين العسكري وحرستا كانتا مركزًا لتجميع الجثث، ومع ازدياد أعداد القتلى، حُوّل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري إلى ساحة لتصوير الجثث، حيث ارتفعت أعداد القتلى من 10-15 جثة يوميًا في بداية الثورة إلى 50 جثة يوميًا.
وأوضح أن النظام كان يزوّر شهادات الوفاة لتظهر أن سبب الوفاة هو “توقف القلب والتنفس”، إلى جانب عمليات ابتزاز ممنهجة مارسها ضد أهالي المعتقلين، الذين لم يحصلوا على أي معلومات عن ذويهم.
وكشف قيصر أنه كان يخفي ملفات التصوير في ثيابه أو داخل ربطة خبز، وكان يتنقل في دمشق باستخدام هويتين، عسكرية ومدنية مزورتين، متحديًا إجراءات التفتيش المشددة على الحواجز الأمنية.
يذكر أن الصور التي نقلها قيصر، بمساعدة المهندس المدني “أسامة عثمان” (المعروف بسامي)، استُخدمت في محاكم دولية لإدانة ضباط النظام بتهم التعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. عثمان، الذي يشغل اليوم منصب رئيس مجلس إدارة منظمة “ملفات قيصر للعدالة”، لعب دورًا أساسيًا في إيصال هذه الجرائم إلى الساحة الدولية.