“الفتح المبين” تعرف على القوة الضاربة في الشمال المحرر، وأهمية التنظيم العسكري في الثورة السورية
مرت الثورة السورية بأطوار عديدة من العمل العسكري ضد نظام الأسد والاحتلال الروسي والإيراني منذ بدايتها، فبدأت بحرب عصابات ثم تطورت لتصبح حربا هجينة ومتنوعة خاصة بعد التدخل المباشر للاحتلال الروسي عام 2015، وفي حال مراجعة الواقع العسكري بانتصاراته وانكساراته يجد المراقب أن للتنظيم والتوحد النسبة الأكبر في تحرير المناطق وبالمقابل فإن التشرذم والتفرق كان العامل الأبرز في سقوط بعض المناطق وانهيارها.
حيث استغل العدو المحتل وميليشياته تفرق الفصائل لتحديد الجبهات الأضعف ومعرفة الثغرات الناتجة عن استئثار كل فصيل بمحور معين مما أدى إلى فجوات عسكرية واضحة، بالإضافة لشن حرب نفسية وإعلامية فتضلل فصيلا بالهدن وتوقع آخر بفخ المصالحات وتنقض على البقية المتبقية بعد أن ضعفت قوتها وقلت حيلتها.
وبعد الحملة العسكرية التي شهدها الشمال المحرر لمدة 11 شهرا عام 2019 وبداية عام 2020 عملت قوى الثورة السورية الفاعلة في إدلب وريفها وريف حلب الغربي وأجزاء من ريف اللاذقية على إعادة تنظيم الصفوف العسكرية وتوحيد الجهود بما يتناسب مع حالة المرحلة التي تشهدها المنطقة وتطور أدوات وأساليب الحروب فتم تشكيل غرفة عمليات الفتح المبين وتطويرها عبر عدة مراحل.
وتضم الغرفة فصائل هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام وأنصار التوحيد وجيش العزة وجيش النصر وصقور الشام وغيرها العديد من الفصائل المتوزعة على المحاور حيث تشكل القوى العسكرية الفاعلة في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، وتعتبر غرفة عمليات الفتح المبين وريثة تجربة جيش الفتح التي شهدت تحرير مدينة إدلب ومناطق شاسعة في المحافظة.
وتنوعت عمليات الفتح المبين منذ عام 2020 حتى عام 2024 حيث شن مقاتلوها عدة عمليات خلف خطوط العدو في ريف إدلب وريف حلب وريف اللاذقية تمكنوا فيها من قتل وجرح العشرات وتدمير مرابض مدفعية كانت تستهدف المناطق المحررة، فيما نفذت الفتح المبين عشرات العمليات الانغماسية على طول خطوط المحاور محققة تنكيلا كبيرا في صفوف ميليشيات الأسد ومرتزقتها.
وفي جانب السلاح المدفعي والقنص عملت الغرفة على إعادة هيكلة قوات المدفعية والصواريخ ووزعت سرايا القنص على المحاور وصنفتها ضمن سرايا القنص الهجومي وسرايا القنص الدفاعي، وكان لقوات المدفعية وسرايا القنص أثر ونتيجة بارزة حيث أوقعت خسائر فادحة في صفوف عصابات الأسد في العمليات الهجومية أو الدفاعية على حد سواء.
وكانت معركة تحرير تل الملاجة الاستراتيجي على أطراف جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي الاختبار الأول الفعلي للفتح المبين منذ توقف المعارك عام 2020 وحققت نجاحا بتحرير التل والصمود فيه بالرغم من شن ميليشيات الأسد عشرات المحاولات لاستعادته تكللت جميعها بالفشل بالرغم من تدخل الطيران الحربي التابع للاحتلال الروسي في بعض المواقف.
وفي ذات السياق كان للتنظيم العسكري ضمن الفتح المبين دور بارز في صد محاولات تسلل أو تقدم لميليشيات الأسد في محاور الساحل بجبل التركمان ومحوري الحدادة والكبينة في جبل الأكراد، بالإضافة لإفشال عدة محاولات تقدم نفذتها ميليشيا حزب إيران اللبناني في محور كفرعمة وكفرتعال بريف حلب الغربي، وليس بعيدا عن المحاور المذكورة تطور أداء مجاهدي الفتح المبين ليتمكنوا من الانغماس في مواقع العدو واغتنام دبابتين خلال الشهرين الماضيين.
وبالرغم من التطور العسكري الملحوظ الذي وصل له الثوار في إدلب وما حولها يؤكد قادة الفتح المبين في عدة لقاءات ومناسبات أن الواقع يحتاج مزيدا من التلاحم والإعداد والتجهيز، فالحالة الموجودة جيدة ولكن غير مرضية فما زال أمام قوى الثورة العسكرية خطوات لإتمام التوحد الكامل وتسخير كافة المقدرات لمواجهة الاحتلال الروسي والإيراني وميليشيات الأسد.
ومن منطلق الإعداد والتجهيز لم تغفل الفتح المبين أهم عنصر قوة في الثورة السورية وهو العنصر البشري، فأطلقت مع بداية صيف العام الحالي وما زالت حملات للنفير والانتساب عبر إدارة التجنيد العسكري المنتشرة شعبها في كافة أرجاء المناطق المحررة في إدلب وريف حلب الغربي حيث لاقت الدعوات إقبالا من فئة الشباب وما تزال قائمة حتى الآن.