“الشركاء المتشاكسون”؛ المبدعون نيوز تسلط الضوء على أبرز التيارات التي تقود الحراك الحالي في إدلب
منذ انطلاق الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح في إدلب قبل ثلاثة أشهر، مرت هذه الاحتجاجات والمظاهرات بمراحل عديدة شكلت مبدئيا تصورا جديدا لمرحلة ستشهدها المناطق المحررة في شمال غرب سوريا وتميزت الأيام الأولى بطابعها العام المطالب بتحسين واقع المحرر في عدة جوانب أبرزها الأمني والاقتصادي وبعض القرارات الإدارية الصادرة عن حكومة الإنقاذ السورية.
الطاولة الحوارية تجمع الجادين في الإصلاح:
لم تتنكر قيادة المحرر ومؤسساته للمطالب التي خرج بها الأهالي فعقدت الاجتماع الأول في منطقة باب الهوى بتاريخ 13/3 الذي ضم كافة شرائح المجتمع والقوى الثورية الفاعلة والذي نتج عنه عدة قرارات تلامس صلب المطالبات في الجوانب الأمنية كإعادة هيكلة جهاز الأمن العام والنظر في القرارات الاقتصادية والإدارية وتعديلها وإعادة انتخاب مجلس الشورى العام عبر آلية تضمن مشاركة جميع أهالي المحرر من مقيمين أصليين أو مهجرين بالإضافة لتأسيس ديوان المظالم.
وعلى صعيد ما تسمى قضية “الخلية الأمنية” التي كانت الشرارة الأولى التي تشعبت منها المطالبات بسبب خطأ في إجراءات التحقيق والاستجواب، عقد قائد تحرير الشام لقاءات فردية مع جميع المعتقلين الذين اعتُقلوا في الخلية المذكورة ليتعهد لهم بإرجاع كافة حقوقهم المعنوية والجسدية والمادية وإصلاح الملف بشكل كامل، وقوبل هذا الأمر بتوافق تام بين الطرفين ولوحظ عودة كافة هذه الشخصيات العسكرية والأمنية وغيرها إلى أماكن عملها الثوري كما كانوا سابقا دون أي تغيير أو مشاكل تذكر وهذا ما أكدوه في عدة مواقف ظهروا بها إعلامياً في الضرورة على الإصلاح مع الحفاظ على الثغور والمشروع القائم في إدلب.
وشهدت المناطق المحررة في إدلب وما حولها تشكيل عشرات اللجان من قبل قيادة المحرر واجتمعت مع كافة شرائح المجتمع بحسب مناطقهم وعشائرهم وتنوعهم واستمعت لمطالبهم، ما أدى لتشكيل خارطة إصلاح مشتركة بين قيادة المحرر والمتظاهرين تجمعهم طاولة الحوار والنقاش للسير في المحرر إلى بر الأمان الذي يضمن تماسكه والحفاظ على شوكته العسكرية والأمنية والسياسية.
الحراك يفقد محتواه الحقيقي:
وبعد تراجع أهم الفئات المطالبة بالإصلاح الحقيقي وانسحابها من الحراك بسبب جلوسها على طاولة واحدة مع قيادة المحرر لبناء واقع أفضل، وتراجع سيطرة الشريحة الفعلية المطالبة بالإصلاح على الحراك لصالح باقي التيارات، فقد الحراك أهم قيمة به وهي المطالبة بالإصلاح، وهنا حاولنا في المبدعون نيوز بشكل موضوعي تسليط الضوء على أبرز هذه التيارات المتبقية في الحراك بحسب الآراء التي تنطلق منها بشكل علني أو تاريخها خلال الثورة السورية:
بصيص النور المتبقي:
بقيت شريحة تؤمن بأن الاحتجاجات في الشوارع هي الحل الأنسب لتحقيق الإصلاح بوجهة نظر القائمين على هذه الشريحة إلا أنها وبعد توافد تيارات ذات أهداف فكرية بعيدة عن الطابع التظاهري الجماهيري أصبحت أقلية مقارنة بهذا التيارات وفقدت السيطرة على توجيه الحراك بشكل صحيح تدريجياً لصالح خصوم سابقين للهيئة رأوا في الحراك فرصتهم للعودة إلى الواجهة.
حزب التحرير..الصدام مع كامل الثورة:
منذ بداية الثورة عمل حزب التحرير على تخوين كافة العاملين فيها، والمعيار عند الحزب هو “السعي لإقامة خلافة يقاتل فيها أصحاب الشوكة العسكرية الأعداء وينتصرون ثم يقدمون الطاعة للحزب كولاة أمور” الذي لا يؤمن بحمل عناصره للسلاح ومن هذا الباب فكل من خالف هذا المعتقد يعتبر خائنا أو عميلا، في بداية الحراك ردعت نشاطات الحزب من قبل منظمي الحراك أنفسهم، إلا أنه وبعد تراجع الكثيرين عن الحراك وتحولهم للحوار عاد الحزب ليمارس نشاطه من جديد رافضاً أي شكل من أشكال الحوار.
ولا يعتقد الحزب برفع علم الثورة كونه “علما وطنيا” وللحزب حملات إعلامية تخذيلية عديدة تزامنت مع الحملات العسكرية للنظام المجرم على الشمال المحرر، ويروي أحد النشطاء في مدينة إدلب رفض الكشف عن اسمه للمبدعون نيوز أن عناصر حزب التحرير عام 2019 في أوج الحملة العسكرية للنظام المجرم على المحرر كانوا يذهبون لعناصر الفصائل المقاتلة ويقنعونهم بترك السلاح والمعارك بذريعة أن فصائلهم لم تبايع أفراد الحزب كولاة أمر للمسلمين في المحرر.
أفراد يجمعهم حلم “حراس الدين”:
ترى خلايا فصيل حراس الدين سابقا الاضطراب الجزئي الحاصل فرصة لها لإعادة تكوين ما يمكن تكوينه من فصيلهم السابق أو حتى الانتقام ممن حارب فصيلهم وهي الهيئة مع بعض الإطلاقات المبطنة من قبل الخلايا التي لا تخلو من التكفير.
الخاسرون لشواغرهم:
يشكل الخاسرون لشواغرهم في المؤسسات الحكومية لعدة أسباب إدارية أو قضايا فساد ثبتت عليهم أو استفراد بالقرار من قبلهم في مؤسساتهم السابقة، أحد محركي الحراك المتبقي حيث أنهم يرون العودة لهذه الشواغر مجدا لا ينبغي التراجع عنه، مهما أدى هذا المطلب إلى تصعيد في المواجهات.
أصحاب الأزمات الشخصية:
وبالرغم من أنهم يعتبرون أقلية مقارنة بباقي الشرائح، إلا أنهم أكثرهم فاعلية في سبيل الانتقام من مواقف خاصة سلبية حصلت معهم مع أفراد من مؤسسات المحرر.
جيش الإسلام والسعي لنقل تجربة الغوطة:
مع صعوبة نشاط فصيل جيش الإسلام عسكريا وأمنيا في إدلب وتراجع نفوذه في ريف حلب الشمالي عمل الفصيل على تفعيل الجانب التظاهري في مناطق ريف حلب الشمالي ويحاول نقلها إلى إدلب عبر منشدين وشخصيات محسوبة عليه فيما ظهر خلال السنوات الماضية.
وللفصيل تاريخ سابق في خلق الاضطرابات ثم الاقتتالات في غوطة دمشق الشرقية حيث كان السبب في سفك دماء مئات الثوار قبل أن تسقط المنطقة بيد عصابات الأسد وروسيا.
الحراك.. خلاف داخلي مؤجل وتناقض في الخطاب:
وفي سياق تقريرنا كشفت مصادر خاصة من داخل الحراك لمنصة المبدعون نيوز عن خلافات وبون شاسع بين تيارات الحراك المتبقية والمتضاربة فكرياً، إلا أنها تحاول تأجيلها وعدم خروجها على العلن لمرحلة “ما بعد الهيئة” حسب وصفهم.
وفي ذات السياق كتب الأستاذ محمد أبو النصر على قناته في التلجرام قائلاً: “حراك إدلب…بيانان متعارضان، وكيل بمكيالين، وسعي لتفريق الكلمة وتمزيق وحدة الصف.
بيانٌ يمدحون فيه نأي العسكر في تجمع دمشق بأنفسهم عن التدخل بالمشكلة الأخيرة الحاصلة، وفي المقابل يصدرون بيانا يريدون فيه التفاوض مع العسكر في الهيئة… متجاوزين في ذلك كل الأعراف المؤسسية المنطقية!!
وأضاف: أقول: بالطبع من حق الهيئة وعسكرييها رفضُ دعوات كهذه، من الواضح أنها تجسد آمال البعض بتفريق الكلمة وتمزيق صف المجاهدين… ولكني مع ذلك أتوقع أن قيادة الهيئة قد توجه نحو جلوس العسكريين مع أولئك… أولا لثقة القيادة المطلقة بالعسكريين، وثانيا لبتر آمال الواهمين، إذ يغلب على ظني أن جماعة الحراك سيسمعون من العسكريين ما يجعلهم يندمون على طلبهم هذا”.
ختاماً تشير الأشهر الفائتة أن عامل الزمن بات مؤثراً بشكل سلبي على الحراك الحالي كون أن أصحاب المطالب المحقة آخذين باتجاه الحوار والنقاش بعيداً عن الفوضى والغوغاء، مما يلبس الحراك لباس الحزبية والتيارات الفكرية التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة بعيداً عن توحيد المصالح لتصب في مصلحة الشمال المحرر المتربص به من قبل روسيا وإيران وميليشيات الأسد.