شهدت ولاية مونتانا الأميركية واحدة من أغرب القضايا المتعلقة بالحياة البرية، حيث تورّط مزارع في استنساخ خرفان عملاقة والاتجار بها بطريقة غير قانونية. أثارت القضية استنفار السلطات الأميركية خلال الأشهر الماضية لما تحمله من تبعات بيئية وأخلاقية خطيرة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أصدرت محكمة أميركية حكمًا بالسجن لمدة 6 أشهر على المزارع آرثر شوبارث، بعد إدانته بتهريب واستنساخ نوع نادر ومهدد بالانقراض من الخرفان يُعرف بـ”ماركو بولو”.
ووفقًا لوثائق المحكمة، قام شوبارث بتهريب هذه الخرفان من قيرغيزستان إلى الولايات المتحدة في عام 2015. لاحقًا، تعاون مع مختبر علمي لاستنساخها بطريقة غير قانونية، وأطلق على النسخة المستنسخة اسم “ملك جبال مونتانا” (MMK).
وتُعتبر أغنام “ماركو بولو”، التي تعيش في سلسلة جبال بامير في آسيا الوسطى، من أكبر أنواع الأغنام البرية في العالم.
كما تتميز بقرون ضخمة قد يصل طولها إلى مترين، مما يجعلها مطمعًا لهواة الصيد ومربّي الحيوانات النادرة، وتُعد مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر وارتفاع الطلب على جلودها وقرونها النادرة.
واستغل شوبارث الطلب العالي على هذا النوع، حيث استخدم السائل المنوي للخروف المستنسخ “MMK” لتلقيح نعاج محلية بهدف إنتاج جيل يحمل جينات “ماركو بولو”.
حيث باع نسلًا من هذه الأغنام بأسعار باهظة وصلت إلى 13,200 دولار للخروف الواحد، كما تم بيع أحد أحفاد “ملك جبال مونتانا” مقابل 10,000 دولار.
وبعد الكشف عن القضية، صادرت السلطات الأميركية الخروف “MMK” وأرسلته إلى منشأة معتمدة في ولاية أوريغون، قبل نقله إلى حديقة “روزاموند جيفورد” في نيويورك لعرضه للجمهور خلال نوفمبر الجاري.
كما تم الاتفاق على عزل أي أغنام تحمل جينات “ماركو بولو” وتعقيمها لمنع انتشارها أو تأثيرها على البيئة.
السلطات شدّدت على ضرورة التخلي عن حقوق الملكية لهذه الأغنام لتجنب أي استغلال تجاري مستقبلي.
وأثارت القضية تساؤلات حول التأثير البيئي المحتمل إذا انتشرت الأغنام المستنسخة في البرية، حيث يمكن أن تسيطر على الأنواع المحلية وتُسبب اختلالًا في التوازن البيئي.
كما دعت إلى مراجعة القوانين المتعلقة بتقنيات الاستنساخ، خاصة مع تطورها السريع وانخفاض تكاليفها.
تُعتبر هذه القضية ليست الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، حيث شهدت البلاد قضايا سابقة تتعلق بجرائم استخدام تقنيات الاستنساخ في الحياة البرية.
ومع تطور التكنولوجيا، يتوقع الخبراء زيادة مثل هذه القضايا، مما يُبرز الحاجة إلى تشديد اللوائح وتنظيم استخدام تقنيات الاستنساخ.
تسلط قضية استنساخ خرفان “ماركو بولو” الضوء على التحديات الأخلاقية والبيئية والقانونية التي تصاحب التقدم في تقنيات الاستنساخ.
ومع تطور هذه التقنيات، يبدو أن الحكومات بحاجة إلى تعزيز رقابتها لتجنب استغلالها بطرق غير قانونية تؤدي إلى تهديد التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية.