تشهد ألمانيا توسعًا غير مسبوق في تجارة مخدر الكبتاغون، حيث تحوّلت من مجرد دولة عبور إلى دولة إنتاج لهذا المخدر الخطير، وفقًا لتقرير حديث من القناة الألمانية الأولى (ARD). كشف التحقيق، الذي استغرق عامين ونفذته عدة مؤسسات إعلامية ألمانية، عن مدى خطورة هذا التطور.
وقبل بضع سنوات، لم يكن الكبتاغون معروفًا في ألمانيا إلا لدى خبراء الشرطة والاستخبارات ومعاهد الأبحاث الدولية. هذا المخدر، المميز بأقراص منقوشة بحرف “C”، أصبح رمزًا لأحد أكثر الأعمال التجارية ربحًا في عالم المخدرات.
ويعود ذلك إلى رخص تكلفة إنتاجه وارتفاع سعره في الشوارع، حيث يتكون بشكل رئيسي من الأمفيتامين والكافيين، وتكلفة إنتاج القرص الواحد لا تتعدى بضعة سنتات، بينما يبلغ ثمنه في الأسواق أسعارًا باهظة، تصل إلى 20 دولارًا للقرص الواحد في مدن عربية مثل الرياض ودبي.
في السنوات الأخيرة، توسعت تجارة الكبتاغون داخل ألمانيا، حيث تم ضبط أكثر من 1.2 طن منه خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وتشير التقديرات إلى أن هذا الرقم يمثل نحو 10٪ فقط من الكمية الحقيقية المتداولة في البلاد. وقد تم اكتشاف معمل لإنتاج الكبتاغون في مدينة ريغنسبورغ الصيف الماضي، ما يؤكد تحول ألمانيا إلى دولة إنتاج وليس مجرد عبور.
التحقيقات التي تم إجراؤها كشفت عن تورط شبكات معقدة من المهربين، معظمهم من السوريين واللبنانيين، والذين يعملون بتنسيق وثيق مع بعضهم البعض. كما أظهرت التحقيقات ارتباط معمل ريغنسبورغ بقضية أخرى كبيرة تتعلق بضبط نصف طن من الكبتاغون في شمال الراين وستفاليا.
وبالرغم من الجهود المحلية لمكافحة هذه التجارة، إلا أن التنسيق على المستوى الوطني لا يزال محدودًا. ويعترف ضباط الشرطة والمحققون بأنهم لم يتمكنوا بعد من الكشف عن كل الشبكات التي تدير هذه التجارة.
ومع ذلك، هناك مخاوف متزايدة من أن ألمانيا قد تصبح مركزًا لإنتاج الكبتاغون، خاصة مع تصريح أحد المهربين بأن الكميات القادمة من سوريا ولبنان قد تتوقف، وسيتم بدلًا من ذلك إرسال المواد الخام فقط لتصنيع الأقراص داخل أوروبا.
هذا التحول يشير إلى أن تجارة الكبتاغون باتت تعتمد بشكل أقل على الأنظمة الحكومية مثل نظام الأسد المجرم في سوريا، والذي يجني نحو 50 مليار دولار سنويًا من هذه التجارة بالتعاون مع ميليشيا حزب الله. ومع توجه الإنتاج إلى دول مثل ألمانيا، قد يتزايد هذا الربح بشكل كبير.
ويعترف الخبراء بضرورة زيادة التنسيق بين التحقيقات المحلية والدولية لمواجهة هذه الأزمة المتنامية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، يبدو أن قضية الكبتاغون ستظل تشغل السلطات الألمانية لسنوات قادمة.