في كل عام، يتابع العالم بشغف الكشف عن الفائزين بجائزة نوبل في مختلف المجالات، ومن بينها الكيمياء التي تظل واحدة من أهم العلوم التي تساهم في تطور البشرية.
ومع اقتراب الإعلان عن الفائزين بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024، تعود الأذهان إلى أحد أعظم الفائزين بها، العالم المصري أحمد زويل، الذي حصد هذه الجائزة في عام 1999 عن اكتشافه الرائد في “كيمياء الفيمتوثانية”.
وُلد أحمد زويل في 26 شباط/فبراير 1946 في مدينة دمنهور المصرية، حيث نشأ وتعلم حتى حصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء من جامعة الإسكندرية، وواصل دراسته في الولايات المتحدة ليحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا. ثم بدأ مسيرته الأكاديمية بالعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، حيث حقق اكتشافاته العظيمة.
نال زويل جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 لإسهاماته الرائدة في تطوير مجال “كيمياء الفيمتوثانية”، حيث اكتشف طريقة لرصد التفاعلات الكيميائية باستخدام الليزر في أوقات قصيرة جداً تصل إلى الفيمتوثانية، “جزء من مليون مليار من الثانية”. سمح هذا الاكتشاف للعلماء بمراقبة التفاعلات الكيميائية وهي تحدث على المستوى الذري، وهو ما كان يعد مستحيلاً من قبل.
فتح هذا الأفق الجديد الباب لفهم أفضل للتفاعلات الكيميائية التي تلعب دوراً محورياً في مجالات مثل الكيمياء، الفيزياء، والطب. ولهذا، أُطلق على زويل لقب “أبو كيمياء الفيمتوثانية”.
يعد فوز أحمد زويل بجائزة نوبل حدثاً هاماً، ليس فقط للعالم العربي، بل للعالم بأسره، حيث ألهم جيلاً جديداً من العلماء العرب، وأثبت أن التميز العلمي على المستوى العالمي ممكن رغم كل التحديات.
كما عمل زويل على تحسين التعليم والبحث العلمي في مصر، حيث ساهم في تأسيس “مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا”، التي تهدف إلى تعزيز الابتكار والبحث العلمي في مصر والمنطقة العربية.
وإلى جانب نيله جائزة نوبل، حصل زويل على العديد من الجوائز والتكريمات من مختلف دول العالم، وكان عضواً في عدد من الأكاديميات العلمية المرموقة، مثل الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للعلوم.
في عام 2009، تم تعيينه عضواً في المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في مجالي العلوم والتكنولوجيا، اعترافاً دولياً بإنجازاته العلمية.
توفي أحمد زويل في عام 2016، تاركاً خلفه إرثاً علمياً وإنسانياً خالداً. لم يكن زويل مجرد عالم مبدع في مجال الكيمياء، بل كان مصدر إلهام للأجيال القادمة، وشخصية علمية سعت إلى ربط العلم بالتنمية والتعليم كأحد أسس نهضة الأمم.
وفي ذكرى إنجازاته، يظل أحمد زويل رمزاً للفخر لمصر والعالم العربي، وشاهداً على قدرة العلماء العرب على التأثير في مسار العلوم على مستوى عالمي.