في وقت يتصاعد فيه الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وميليشيا حزب الله اللبناني، يبدو أن النظام السوري بقيادة بشار المجرم يتخذ نهجاً حذراً للحفاظ على استقراره الداخلي، على الرغم من أن النزاع يطال أحد أكبر حلفائه، ويمثل تهديداً إقليمياً مؤثراً.
ويرى محللون أن حرص النظام السوري على عدم التورط المباشر في الحرب الدائرة بين حليف له وعدو، إدراكاً منه لخطورة أي تصعيد على بقاء النظام نفسه.
وعلى الرغم من الضربات الجوية التي استهدفت مواقع في دمشق ومناطق أخرى في سوريا، نفذ معظمها الاحتلال الإسرائيلي، لم يبادر النظام المجرم بأي ردود فعل انتقامية أو تحركات عسكرية مباشرة ضده، وحتى أنه تنازل عن الاحتفاظ بحق الرد مؤخراً.
ويفسر المحللون هذا الموقف على أنه يعكس حرص النظام على تجنب الانخراط في صراع قد يكون له عواقب وخيمة، ويؤدي إلى سقوطه الذي طالما نجا منه لأكثر من مرة.
وبحسب سيث فرانتزمان، الزميل المساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن النظام السوري يدرك أن التصعيد مع إسرائيل لا يصب في مصلحته في الوقت الراهن، فسوريا تعاني من صراع داخلي مستمر منذ أكثر من عقد.
بالإضافة إلى تحديات أخرى مثل الوجود التركي في شمال البلاد، والدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية، كل هذه التحديات تجعل من الصعب على دمشق فتح جبهة جديدة مع إسرائيل.
وعلى الرغم من تواجد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، وتهديدات ميليشيا حزب الله تجاه الاحتلال الإسرائيلي، يبدو أن حكومة الأسد المجرم تحاول أن تظهر قدرتها على منع التصعيد في مرتفعات الجولان، تلك المنطقة الحساسة التي قد تستخدمها إيران وميليشياتها لتوجيه ضربات إلى الاحتلال الإسرائيلي.
لكن الأسد المجرم يعلم جيداً أن أي تحرك عسكري من هذه المنطقة سيعرض نظامه لعواقب وخيمة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحمل النظام السوري المسؤولية عن أي عمليات تصعيدية انطلاقاً من الأراضي السورية.
ويوضح فرانتزمان أن النظام السوري يفضل بقاء الوضع كما هو مع إسرائيل، حيث تجنب المواجهات المباشرة معها منذ سبعينات القرن الماضي.
وعلى الرغم من أن النظام السوري يعتبر جزءاً مما يسمى “محور المقاومة” الذي يضم إيران وحزب الله، فإن دمشق لا تملك القدرة على مواجهة إسرائيل عسكرياً، وهو ما يفسر سياسة الحذر التي تتبعها في التعامل مع الأحداث التي تدور حولها وفيها.
كما أن الصراع الحالي بين إسرائيل وحزب الله يضع النظام السوري في موقف معقد، فمن جهة، تعتمد دمشق على الدعم الإيراني الذي يأتي غالباً عبر ميليشيا حزب الله، ومن جهة أخرى، تدرك أن أي دعم فعلي للميليشيا في مواجهة الاحتلال قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على النظام.
من جانبها، ترى حكومة الاحتلال أن إيران تواصل استخدام الأراضي السورية لتهريب الأسلحة إلى ميليشيا حزب الله في لبنان، وهي نقطة توتر كبيرة بين الأطراف.
ووفقاً للتقارير، استهدفت غارة إسرائيلية في سوريا مسكن المجرم ماهر الأسد، في رسالة واضحة من الاحتلال الإسرائيلي للنظام السوري بعدم السماح بمرور أسلحة إلى ميليشيا حزب الله.
ورغم هذا الضغط، يحاول النظام السوري المجرم الحفاظ على توازن مدروس بين التزاماته تجاه حلفائه، إيران وميليشيا حزب الله، وبين تجنب أي تصعيد مع الاحتلال قد يهدد بقاءه.
ويجد النظام السوري المجرم نفسه في موقف دقيق وصعب في ظل التصعيد الإقليمي بين الاحتلال الإسرائيلي وميليشيا حزب الله، فرغم الضغط الإيراني وحاجة الميليشيا إلى الدعم السوري، يبدو أن الأسد المجرم يتبع سياسة النأي بالنفس، لتجنب الانجرار إلى صراع قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على نظامه، الذي لا تنقصه أزمات داخلية متعددة.
وتعكس هذه السياسة التي ينتهجها النظام المجرم، مزيجاً من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه في هذه المرحلة الحساسة، في ظل عدم قدرته على مواجهة أي منهما، فهو نظام يعاني الانهيار على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية