يصرّ الاحتلال الإسرائيلي على انسحاب ميليشيا حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، ويقترح انتشار الجيش اللبناني وقوات يونيفيل على حدودها مع جنوب النهر.
كما يرى مراقبون أن من أسباب تمسك ميليشيا حزب الله بالبقاء في المنطقة ورفض الانسحاب منها هو وجود غالبية شيعية بين سكان جنوب الليطاني تصل إلى 75 بالمئة من عدد السكان.
ومع فشل “المجتمع الدولي” في سحب ميليشيا حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني بالطرق الدبلوماسية، أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنه سيقوم بالمهمة. وجاء ذلك على لسان وزير خارجيته يسرائيل كاتس، قبل ساعات من هجوم واسع على مواقع الميليشيا.
وعادت اليوم معضلة الليطاني إلى الواجهة بعد أن تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع في عام 2006 القرار رقم 1701، الذي ينص على وقف كامل العمليات القتالية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، وإنهاء الحرب التي اندلعت في نفس العام بين ميليشيا حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا القرار حينها إلى إيجاد منطقة بين ما يسمى بالخط الأزرق، الذي يفصل لبنان عن إسرائيل، ونهر الليطاني جنوب لبنان، على أن تكون تلك المنطقة خالية من أي قوات ومعدات حربية، باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة.
ويعتبر الخط الأزرق، الذي حددته الأمم المتحدة بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، بمثابة حدود بين الجانبين. ويعد الليطاني من أهم الأنهار اللبنانية، ويصب في البحر المتوسط، على بعد 70 كيلومترًا من العاصمة بيروت.
ويبلغ العمق الذي يفصل الخط الأزرق عن مجرى النهر حوالي 28 كيلومترًا في القطاع الأوسط، فيما يبلغ في حده الأدنى 6 كيلومترات في أقصى القطاع الشرقي.
ويبلغ طول الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة، من مزارع شبعا شرقًا إلى رأس الناقورة غربًا 76 كيلومترًا، أما طول الساحل الجنوبي ما بعد الليطاني فيبلغ نحو 30 كيلومترًا.
كما تبلغ المساحة الكلية لجنوب الليطاني حوالي 850 كيلومترًا مربعًا، ويسكنه 200 ألف نسمة، 75٪ منهم شيعة، في حين تتوزع النسبة الباقية على السنّة والدروز والمسيحيين.
ويبلغ طول مجرى الليطاني، الذي يتجه من الشرق إلى الغرب، حوالي 170 كيلومترًا، ويشكل العصب المائي للبنان، وترتكز عليه مخططات الإنماء المائي الزراعي المتكامل لمناطق البقاع الجنوبي وجنوب لبنان.
وتعتمد عليه المنطقة في عمليات الريّ لأراضٍ زراعية مساحتها حوالي 54 ألف هكتار، وتزويد 264 بلدة وقرية، يبلغ مجموع سكانها الحالي 794 ألف نسمة، أي حوالي خمس سكان لبنان، بالمياه.
وطالب القرار 1701 الحكومة اللبنانية واليونيفيل بنشر قواتهما في منطقة جنوب الليطاني، ودعا قوات الاحتلال عند بدء عملية الانتشار هذه إلى سحب كل قواتها إلى ما وراء الخط الأزرق.
وأما بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، فهو يصرّ على انسحاب ميليشيا “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني، حيث يقترح انتشار الجيش اللبناني وقوات يونيفيل بالمنطقة ما بين الحدود وجنوب النهر.
وتقول دولة الاحتلال إن الغاية من ذلك هي إبعاد خطر الحزب عن حدودها، وجعل المنطقة منزوعة السلاح، وعدم السماح للحزب بتهديد أو قصف لمستوطناتها الشمالية، وإسناد الأمر للجيش اللبناني واليونيفيل فقط، كما نص القرار 1701.
أما بالنسبة لموقف ميليشيا حزب الله، فيرى مراقبون أن تمسكها بالبقاء جنوب الليطاني، ورفض الانسحاب إلى ما وراءه، يعود إلى أن غالبية السكان من الشيعة من جهة، وأن الطلب الإسرائيلي ليس مصيرًا بالفعل، بقدر ما هو حجة لسحب ورقة الحزب من الأراضي المواجهة للأراضي المحتلة.
ومنذ تشرين الأول عام 2023، شهدت منطقة الخط الأزرق قصفًا يوميًا متبادلًا بين ميليشيا حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، أسفر عن مئات القتلى والجرحى، معظمهم من الجانب اللبناني.
كما تطورت الأوضاع الميدانية في الأيام القليلة الماضية، حيث شن الاحتلال الإسرائيلي قصفًا جويًا مكثفًا على مواقع ميليشيا حزب الله، ما أدى إلى مقتل معظم قيادات الحزب، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، حيث تركز القصف على ضاحية بيروت الجنوبية التي تعتبر مقرًا وحاضنةً للميليشيا.